سورة يوسف - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (1)}
قوله تعالى: {الر} تقدم القول فيه، والتقدير هنا: تلك آيات الكتاب، على الابتداء والخبر.
وقيل: {الر} اسم السورة، أي هذه السورة المسماة {الر} {تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ} يعني بالكتاب المبين القرآن المبين، أي المبين حلاله وحرامه، وحدوده وأحكامه وهداه وبركته.
وقيل: أي هذه تلك الآيات التي كنتم توعدون بها في التوراة.


{إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)}
قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} يجوز أن يكون المعنى: إنا أنزلنا القرآن عربيا، نصب {قُرْآناً} على الحال، أي مجموعا. و{عَرَبِيًّا} نعت لقوله: {قُرْآناً}. ويجوز أن يكون توطئة للحال، كما تقول: مررت بزيد رجلا صالحا، و{عَرَبِيًّا} على الحال، أي يقرأ بلغتكم يا معشر العرب. أعرب بين، ومنه الثيب تعرب عن نفسها. {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي لكي تعلموا معانيه، وتفهموا ما فيه. وبعض العرب يأتي بأن مع {لعل} تشبيها بعسى. واللام في {لعل} زائدة للتوكيد، كما قال الشاعر:
يا أبتا علك أو عساكا ***
وقيل: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أي لتكونوا على رجاء من تدبره، فيعود معنى الشك إليهم لا إلى الكتاب، ولا إلى الله عز وجل.
وقيل: معنى {أَنْزَلْناهُ} أي أنزلنا خبر يوسف، قال النحاس: وهذا أشبه بالمعنى، لأنه يروى أن اليهود قالوا: سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر؟ وعن خبر يوسف، فأنزل الله عز وجل هذا بمكة موافقا لما في التوراة، وفية زيادة ليست عندهم. فكان هذا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أخبرهم ولم يكن يقرأ كتابا قط ولا هو في موضع كتاب- بمنزلة إحياء عيسى عليه السلام الميت على ما يأتي فيه.


{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (3)}
قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} ابتداء وخبره. {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} بمعنى المصدر، والتقدير: قصصنا أحسن القصص. واصل القصص تتبع الشيء، ومنه قول تعالى: {وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} [القصص: 11] أي تتبعي أثره، فالقاص يتبع الآثار فيخبر بها. والحسن يعود إلى القصص لا إلى القصة. يقال: فلان حسن الاقتصاص للحديث أي جيد السياقة له.
وقيل: القصص ليس مصدرا، بل هو في معنى الاسم، كما يقال: الله رجاؤنا، أي مرجونا فالمعنى على هذا: نحن نخبرك بأحسن الأخبار. {بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ} أي بوحينا ف {بِما} مع الفعل بمنزلة المصدر. {هذَا الْقُرْآنَ} نصب القرآن على أنه نعت لهذا، أو بدل منه، أو عطف بيان. وأجاز الفراء الخفض، قال: على التكرير، وهو عند البصريين على البدل من {ما}.
وأجاز أبو إسحاق الرفع على إضمار مبتدأ، كان سائلا سأله عن الوحى فقيل له: هو هذا القرآن. {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ} أي من الغافلين عما عرفناكه. مسألة:- وأختلف العلماء لم سميت هذه السورة أحسن القصص من بين سائر الأقاصيص؟ فقيل: لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم ما تتضمن هذه القصة، وبيانه قوله في آخرها: {لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ} [يوسف: 111].
وقيل: سماها أحسن القصص لحسن مجاوزة يوسف عن إخوته، وصبره على أذاهم، وعفوه عنهم- بعد الالتقاء بهم- عن ذكر ما تعاطوه، وكرمه في العفو عنهم، حتى قال: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92].
وقيل: لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين، والجن والإنس والأنعام والطير، وسير الملوك والممالك، والتجار والعلماء والجهال، والرجال والنساء وحيلهن ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه والسير وتعبير الرؤيا، والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش، وجمل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا. وقيل لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب وسيرهما.
وقيل: {أَحْسَنَ} هنا بمعنى أعجب.
وقال بعض أهل المعاني: إنما كانت أحسن القصص لأن كل من ذكر فيها كان مآله السعادة، انظر إلى يوسف وأبيه وإخوته، وامرأة العزيز، قيل: والملك أيضا أسلم بيوسف وحسن إسلامه، ومستعبر الرؤيا الساقي، والشاهد فيما يقال: فما كان أمر الجميع إلا إلى خير.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8